responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 506
[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]
إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (98) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لَا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (102)
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (106) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107)
قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ (112)
بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حَالَ مَعْبُودِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ وَهَذَا خِطَابٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ «وَمَا تَعْبُدُونَ» : الْأَصْنَامُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ حَصَبُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: وَقُودُ جَهَنَّمَ وَحَطَبُهَا، وَكُلُّ مَا أَوْقَدْتَ بِهِ النَّارَ أَوْ هَيَّجْتَهَا بِهِ فَهُوَ حَصَبٌ، كَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ مَا قَذَفْتَهُ فِي النَّارِ فَقَدْ حَصَبْتَهَا بِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ [1] وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَائِشَةُ حَطَبُ جَهَنَّمَ بِالطَّاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ «حَضَبُ» بِالضَّادِ المعجمة. قال القراء: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَضَبَ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ الْحَطَبُ، وَوَجْهُ إِلْقَاءِ الْأَصْنَامِ فِي النَّارِ، مَعَ كَوْنِهَا جَمَادَاتٍ لَا تَعْقِلُ ذَلِكَ وَلَا تُحِسُّ بِهِ: التَّبْكِيتُ لِمَنْ عَبَدَهَا، وَزِيَادَةُ التَّوْبِيخِ لَهُمْ، وَتَضَاعُفُ الْحَسْرَةِ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ: إِنَّهَا تُحْمَى فَتُلْصَقُ بِهِمْ زِيَادَةً فِي تَعْذِيبِهِمْ، وَجُمْلَةُ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ أَوْ بَدَلٌ مِنْ «حَصَبُ جَهَنَّمَ» ، وَالْخِطَابُ لَهُمْ وَلِمَا يَعْبُدُونَ تَغْلِيبًا، وَاللَّامُ فِي «لَها» لِلتَّقْوِيَةِ لِضَعْفِ عَمَلِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى عَلَى، وَالْمُرَادُ بِالْوُرُودِ هُنَا الدُّخُولُ. قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَالْمَلَائِكَةُ لِأَنَّ مَا لِمَنْ لَا يَعْقِلُ، وَلَوْ أَرَادَ الْعُمُومَ لَقَالَ: «وَمَنْ يَعْبُدُونَ» .
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مُشْرِكُو مَكَّةَ دُونَ غَيْرِهِمْ لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوها أَيْ:
لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ آلِهَةً كَمَا تَزْعُمُونَ مَا وَرَدُوهَا، أَيْ: مَا وَرَدَ الْعَابِدُونَ هُمْ وَالْمَعْبُودُونَ النَّارَ وَقِيلَ: مَا وَرَدَ الْعَابِدُونَ فَقَطْ، لَكِنَّهُمْ وَرَدُوهَا فَلَمْ يَكُونُوا آلِهَةً، وَفِي هَذَا تَبْكِيتٌ لِعُبَّادِ الْأَصْنَامِ وَتَوْبِيخٌ شَدِيدٌ، وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ أَيْ: كُلُّ الْعَابِدِينَ وَالْمَعْبُودِينَ فِي النَّارِ خَالِدُونَ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا. لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ أَيْ:
لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَرَدُوا النَّارَ، وَالزَّفِيرُ: صَوْتُ نَفَسِ الْمَغْمُومِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَنِينُ وَالتَّنَفُّسُ الشَّدِيدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي هُودٍ. وَهُمْ فِيها لَا يَسْمَعُونَ أَيْ: لَا يَسْمَعُ بَعْضُهُمْ زَفِيرَ بَعْضٍ لِشِدَّةِ الْهَوْلِ وَقِيلَ: لَا يَسْمَعُونَ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ صُمًّا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [2] وَإِنَّمَا سُلِبُوا السَّمَاعَ لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ تَرَوُّحٍ وَتَأَنُّسٍ وَقِيلَ: لَا يَسْمَعُونَ مَا يَسُرُّهُمْ، بَلْ يَسْمَعُونَ مَا يَسُوءُهُمْ. ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حَالَ هَؤُلَاءِ الْأَشْقِيَاءِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَالِ السُّعَدَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أَيِ: الْخَصْلَةُ الْحُسْنَى الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الْخِصَالِ وَهِيَ السَّعَادَةُ، وَقِيلَ: التَّوْفِيقُ، أَوِ التَّبْشِيرُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ نَفْسُ الْجَنَّةِ أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ عَنْها أَيْ: عَنْ جَهَنَّمَ مُبْعَدُونَ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا فِي الْجَنَّةِ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها الْحِسُّ وَالْحَسِيسُ: الصَّوْتُ تَسْمَعُهُ مِنَ الشَّيْءِ يَمُرُّ قَرِيبًا مِنْكَ. وَالْمَعْنَى: لَا يَسْمَعُونَ حَرَكَةَ النَّارِ وَحَرَكَةَ أَهْلِهَا، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بَدَلٌ مِنْ مُبْعَدُونَ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ أَيْ: دَائِمُونَ، وَفِي الْجَنَّةِ مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وتلذّ

[1] البقرة: 24.
[2] الإسراء: 97.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست